ما هي مرحلة السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية؟
تشير مرحلة السوق الصاعدة (Bull run) في عالم العملات الرقمية إلى فترة مميزة ذات طابع يسوده الحماس، تتسم بارتفاع الأسعار بسرعة مع نشاط مُكثّف في السوق. وممّا لاشكّ به أنّ فهم العوامل التي تؤدي إلى هذه الارتفاعات السعرية، من قبيل أحداث تنصيف البيتكوين والارتفاع في مُعدّل اعتماد العملات الرقمية من قِبَل المستثمرين في قِطاع المؤسسات، يساعد المتداولين على الخوض في سوق العملات الرقمية بكفاءةٍ أكبر. وفي هذا الصدد، نستعرض في مقالنا العوامل التي تؤدي إلى نشوء مرحلة السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية، مُعزّزين ذلك بأمثلة تاريخية، بالإضافة إلى المخاطر المُحتمَلَة المرتبطة بها.
لنبدأ بالتعرُّف على مفهوم مرحلة السوق الصاعدة
تُعرَّف مرحلة السوق الصاعدة بأنّها فترة تشهد فيها الأسعار في الأسواق المالية ارتفاعًا مستمرًا، ممّا يُنشئ جوًا من التفاؤل والطابع الحماسي. أمّا في عالم العملات الرقمية تحديدًا، فتعني أنّ أسعار الأصول الرقمية من قبيل البيتكوين أو الإيثريوم ترتفع على نحوٍ مستقر، ممّا يجذب المزيد من الاهتمام من قِبَل المتداولين والمستثمرين على حد سواء.
ولعلّ الأساس المتين والدافع الأبرز الذي تعتمد عليه مرحلة السوق الصاعدة هو حالة اليقين بأنّ الأسعار ستواصل الارتفاع، إذ يأتي هذا اليقين مدفوعًا بعوامل مختلفة، من قبيل الأخبار الإيجابية حول توسُّع اعتماد العملات الرقمية أو مشاركة المستثمرين من قِطاع المؤسسات في السوق أو حتى موجة من الحماس المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومع انضمام المزيد من المستثمرين، تستمر الأسعار في الارتفاع، ممّا يؤدي إلى دورة نمو تتسارع ذاتيًا بعيدًا عن أي دوافع خارجية.
وفي هذا الصدد، من المهم إدراك أنّ السوق الصاعدة لا تقتصر فقط على الارتفاع الحاد للأسعار، بل تتعلّق أيضًا بالحالة المعنوية العامّة في السوق. فخلال هذه الفترات، يكون مستوى الثقة مرتفعًا، ويشعر المستثمرون عمومًا بالتفاؤل بشأن مستقبل الأصول التي يتداولونها أو يستثمرون فيها، وقد يؤدي ذلك إلى ما يُعرف بتأثير كرة الثلج (مصطلح مجازي يصف حدثًا أو ظاهرة تبدأ على مستوى صغير، لكنها تزداد حجمًا وقوة مع مرور الوقت بسبب التفاعل المستمر)، حيث يدخل المزيد من المتداولين إلى السوق، ممّا يدفع الأسعار نحو مستوياتٍ أعلى.
دوافع نشوء مرحلة السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية
لا تحدث السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية بمحض الصدفة وعلى نحوٍ عشوائي، إذ عادةً ما تأتي نتيجةً لتضافر عدّة عوامل رئيسية تؤدي إلى نشوء موجة بتناغم مثالي بين ارتفاع الأسعار وحالة التفاؤل في السوق. ونبيّن فيما يلي بعضًا من العوامل الرئيسية التي تُمثّل الدافع المُحرّك لهذه الحركات القوية في السوق:
الأخبار الإيجابية المؤثِّرة
تُعدّ الأخبار الإيجابية من أقوى العوامل التي تُحفّز نشوء مرحلة سوق صاعدة، فعندما يكون المتداولون والمستثمرون في حالة من التفاؤل، يزداد ميلهم إلى شراء الأصول الرقمية والاحتفاظ بها، ممّا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. ويمكن أن تأتي هذه الحالة المعنوية الإيجابية بنتيجة أحداث من قبيل الأخبار حول التنظيم القانوني للقِطاع التي تعكس موقفًا داعمًا من الحكومات للعملات الرقمية، والشراكات الاستراتيجية الكبرى، والتصريحات الداعمة من شخصياتٍ مؤثّرة. وعندما تكون الحالة المزاجية العامّة تفاؤلية وصاعدة، فإنّ السوق غالبًا ما تتحرّك في الاتجاه نفسه، ممّا يؤدي إلى زيادة متواصلة في الأسعار.
مشاركة المستثمرين من قِطاع المؤسسات
ممّا لاشكّ به أنّ لدخول المؤسَّسات المالية الكبرى إلى سوق العملات الرقمية تأثير كبير على الأسعار، فعندما تبدأ جهات كبرى من قبيل صناديق التحوّط أو البنوك أو الشركات المُدرَجَة في البورصة بشراء الأصول الرقمية، فهذا يُمثّل إشارة واضحة وموثوقة بأنّ العملات الرقمية تكتسب شرعيةً متزايدة.
ويؤدي هذا التدفق الكبير لرأس المال الوارد من قِطاع المؤسَّسات إلى زيادة الطلب والسيولة في السوق على حدٍ سواء، ممّا يرفع الأسعار ويحفّز بالغالب اهتمامًا أوسع من المستثمرين بالتجزئة (الأفراد). فعلى سبيل المثال، كانت مرحلة السوق الصاعدة بين عاميّ 2020 و2021 مدفوعةً إلى نحوٍ كبير بدخول شركاتٍ كبرى مثل Tesla وMicroStrategy، اللتين أضافتا عملة البيتكوين إلى ميزانياتهما العمومية، ممّا عزّز من ثقة المستثمرين بالسوق.
ديناميكيات العرض والطلب
لا يخفى على أحد أنّ العرض والطلب يُشكِّلان الأساس لأي سوق، ولا تُعدّ العملات الرقمية استثناءً في هذا الصدد. فعلى سبيل المثال، يبلغ الحدّ الأقصى لإجمالي المعروض من البيتكوين 21 مليون عملة فقط. ومع ازدياد الطلب —سواء كان ذلك بسبب الاعتماد المتزايد أو الضجة الإعلامية أو حالات عدم الاستقرار الاقتصادي— تميل الأسعار إلى الارتفاع نظرًا لمحدودية عدد عملات البيتكوين المُتاحة للتداول.
وبالمثل، فإنّ الطلب على الإيثريوم شهد ارتفاعًا كبيرًا مدفوعًا بازدهار قِطاع التمويل اللامركزي (DeFi - النظام المالي القائم على استخدام العقود الذكية في شبكات البلوكشين لتقديم الخدمات المالية دون الحاجة إلى وسطاء مركزيين تقليديين مثل البنوك) والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs - أصول رقمية فريدة تُستخدم لإثبات ملكية عناصر رقمية مثل الأعمال الفنية والمقتنيات)، ممّا أدى إلى ارتفاع سعرها خلال فترات السوق الصاعدة. وبالتالي نجد أنّ تأثير الندرة قد يكون عاملًا قويًا في تحفيز نشوء مرحلة سوق صاعدة، لاسيما مع تزايد النظرة إلى العملات الرقمية باعتبارها أداة تحوّط من المخاطر المرتبطة بالأنظمة المالية التقليدية.
أحداث تنصيف البيتكوين
تُعدّ أحداث تنصيف البيتكوين واحدةً من أهم العوامل التي تدفع الأسواق الصاعدة في عالم العملات الرقمية، إذ يحدث التنصيف كل أربع سنوات تقريبًا، ويؤدي إلى خفض مكافأة تعدين الكتل الجديدة ضمن البلوكشين بنسبة 50% (وهي الحوافز التي يحصل عليها المعدّنون لقاء التحقُّق من صحّة المعاملات وإضافتها إلى البلوكشين، والتي يتمّ منحها في هيئة عملات بيتكوين جديدة). أدى هذا الانخفاض في المعروض تاريخيًا إلى زيادة ندرة العملة، ممّا قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع إذا تزامن مع استمرار الطلب القوي على العملة أو مع نموه أكثر.
علمًا أنّه حدثت حتى الآن أحداث التنصيف في الأعوام 2012 و2016 و2020، وأحدثها كان عام 2024. وفي كل مرة، كان التنصيف شرارةً لنشوء سوق صاعدة للبيتكوين خلال الأشهر أو العام الذي يلي الحدث، ممّا ساهم في دعم السوق الأوسع للعملات الرقمية.
العوامل المتعلقة بالاقتصاد الكلي
تلعب الظروف الاقتصادية العامّة دورًا محوريًا في تحفيز نشوء مراحل الأسواق الصاعدة للعملات الرقمية. فخلال حالات عدم اليقين والتردُّد الاقتصادي، من قبيل ارتفاع مُعدّلات التضخُّم أو عدم الاستقرار الجيوسياسي، غالبًا ما يبحث الأفراد عن أصول بديلة لحماية ثرواتهم.
إذ تبرز العملات الرقمية في هذه الظروف كخيار أكثر جاذبية نظرًا لطبيعتها اللامركزية. فعلى سبيل المثال، أدَّت المخاوف من التضخُّم الاقتصادي وانخفاض قيمة العملات النقدية خلال جائحة كوفيد-19 إلى لجوء العديد من المستثمرين إلى البيتكوين باعتبارها "ذهبًا رقميًا"، ممّا ساهم في ارتفاع سعرها على نحوٍ ملحوظ.
تأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي
لا يُعدّ الإعلام دائمًا محركًا أساسيًا لنشوء مرحلة السوق الصاعدة، إلّا أنّ التغطية الإعلامية والأخبار المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعزّز من زخم السوق الصاعدة الناشئة أصلًا على نحوٍ كبير. فالأخبار الإيجابية أو قصص تحقيق الأرباح الضخمة أو التأييد من قِبَل شخصياتٍ بارزة أو الحملات الواسعة سريعة الانتشار على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تُنشئ إحساسًا بأنّ هذا العالم غدا واقعًا لابدّ منه والمشاركة فيه ضرورة، وبالتالي نشوء ظاهرة الخوف من ضياع الفرصة (FOMO). وهنا، يمكن لهذا الزخم الاجتماعي أن يدفع المزيد من الأشخاص إلى دخول السوق، ممّا يعزز من دورة النمو ويؤدي إلى استمرار الزخم في السوق الصاعدة.
أمثلة تاريخية على مراحل الأسواق الصاعدة في مجال العملات الرقمية
رسمت مراحل الأسواق الصاعدة في عالم العملات الرقمية معالمًا رئيسية، لعبت دورًا في تطوّر قِطاع الأصول الرقمية ككل، إذ كان لكل منها خصوصيتها من حيث طبيعة التغيُّرات وسلوكيات السوق. ونُقدّم لكم فيما يلي نظرة مُعمَّقة حول ثلاثة من أبرز الأسواق الصاعدة التي شهدها عالم العملات الرقمية في كل من عام 2017 وفي الفترة من 2020 حتى 2021 والدورة الحالية من 2023 حتى 2024. وفي هذا الصدد، يمكن للمهتمين الانتقال لتحليل تقلُّبات كل دورة بالاستفادة من إمكانات منصة التداول المجانية TickTrader لدى FXOpen.
السوق الصاعدة لعام 2017: اندفاع مستثمري التجزئة (الأفراد)
كانت السوق الصاعدة في عام 2017 لحظةً محوريةً في تاريخ العملات الرقمية، إذ ارتفع سعر البيتكوين من حوالي 1,000 دولار في يناير إلى ما يقارب 20,000 دولار بحلول ديسمبر. كان هذا الصعود مدفوعًا على نحوٍ أساسي بمستثمري التجزئة، إذ دخل العديد منهم إلى السوق للمرة الأولى مدفوعين بالضجة المحيطة بعروض الطرح الأوّلي للعملات (ICO - آلية لتوفير التمويل تُستخدم لإصدار عملات رقمية جديدة، إذ يشتري المستثمرون العملات قبل إطلاق المشروع رسميًا).
كما لعبت الإيثريوم أيضًا دورًا مهمًا في هذه الموجة الصاعدة، إذ أصبحت بلوكشين الإيثريوم الأساس لعدد كبير من عروض الطرح الأوّلي للعملات (ICOs). إلّا أنّ هذا النمو السريع لم يكن مستدامًا، فبحلول أوائل عام 2018 شهدت السوق تصحيحًا حادًا، ممّا أدى إلى فترة طويلة من الركود في سوق العملات الرقمية (تُعرف باسم "شتاء العملات الرقمية")، إذ انخفض سعر البيتكوين خلالها بما يزيد عن 80%.
السوق الصاعدة في الفترة من 2020 حتى 2021: الاعتماد من قِبل المستثمرين في قِطاع المؤسسات وتزايد الاهتمام العام
بدأت السوق الصاعدة التالية في أواخر عام 2020 واستمرت حتى عام 2021، إذ وصلت البيتكوين إلى قمم جديدة بلغت قرابة 69,000 دولار في نوفمبر 2021. وكانت السوق هذه المرة مدفوعةً بفئة مختلفة من المستثمرين — ألا وهم المؤسَّسات المالية الكبرى. إذ قامت شركات من قبيل MicroStrategy وTesla وSquare بإجراء استثمارات ضخمة في البيتكوين، ممّا منح هذا الأصل مستوى جديد من الشرعية.
فضلًا عن ازدهار قِطاع التمويل اللامركزي (DeFi) والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، ممّا أدى إلى زيادة الاهتمام وجذب المزيد من رؤوس الأموال إلى السوق. وتزامنت هذه الفترة أيضًا مع جائحة كوفيد-19، حيث أدّت إجراءات الحجر المنزلي والإجراءات الساعية إلى تحفيز العجلة الاقتصادية وأسعار الفائدة المنخفضة إلى عودة الاهتمام بالعملات الرقمية لتتصدّر الواجهة مجددًا.
فعلى العكس من مرحلة السوق الصاعدة في 2017 التي كانت مدفوعة إلى حدٍ كبير بأنشطة المضاربة من قِبَل مستثمري التجزئة، كانت السوق الصاعدة في الفترة من 2020 وحتى 2021 أكثر نضجًا، إذ شهدت وضوحًا تنظيميًا أكبر وانتشارًا أوسع لاعتماد العملات الرقمية عبر قِطاعاتٍ مختلفة.
السوق الصاعدة في الفترة من 2023 وحتى 2024: مرحلة السوق الصاعدة للبيتكوين والعوامل المُحرِّكة
تُعدّ السوق الصاعدة للبيتكوين التي بدأت في عام 2023 بمثابة فصل جديد مهم في تاريخ العملات الرقمية، فبعد سوقٍ هابطة قاسية خلال عام 2022، حيث انخفض سعر البيتكوين إلى حوالي 15,500 دولار مع ارتفاع أسعار الفائدة، بدأت السوق بالتعافي خلال أوائل 2023.
وجاء هذا التعافي مدعومًا بعدّة عوامل، منها حالة المرونة في الاقتصاد العالمي (أي قدرة الاقتصاد على التكيُّف مع الأزمات والصدمات الاقتصادية دون أن يتعرض لانهيار كبير) واستمرار اعتماد العملات الرقمية من قِبل المستثمرين في قِطاع المؤسسات والابتكارات التقنية الحديثة من قبيل حلول التوسّع من الطبقة الثانية في تقنية البلوكشين (تقنيات تهدف لتحسين السرعة وتقليل التكاليف من خلال تنفيذ المعاملات خارج الشبكة الأساسية) وتزايد اهتمام الجمهور بالعملات الرقمية كوسيلة للتحوّط في مواجهة التضخُّم وحالات عدم اليقين الاقتصادي.
ومن أبرز الأحداث التي دفعت مرحلة السوق الصاعدة في عام 2024 كانت الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة بالبيتكوين (ETFs)، بالإضافة إلى حدث تنصيف البيتكوين في أوائل 2024، والذي كما ذكرنا لطالما كان يؤدي تاريخيًا إلى دورة صعودية قوية. وبحلول مارس 2024، شهدت السوق الصاعدة للبيتكوين ارتفاعًا إلى قمة تاريخية جديدة بلغت 74,000 دولار.
في حين لم تصل معظم العملات الرقمية الأخرى إلى مستوياتها القياسية السابقة. واعتبارًا من أغسطس 2024، يشهد سوق العملات الرقمية تصحيحًا، ولكن التوقعات لا تزال تشير إلى أن السوق الصاعدة لم تنتهِ بعد ومن المتوقع استمرارها في المستقبل القريب.
دور الإعلام والتأثير الاجتماعي
يلعب كلّ من الإعلام والتأثير الاجتماعي دورًا كبيرًا في دفع ورسم معالم الأسواق الصاعدة في العملات الرقمية. فخلال هذه الفترات، يمكن لوسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي والشخصيات المؤثرة أن تعزّز من الحالة المعنوية في السوق، ممّا يؤدي إلى حلقة تفاعلية من الآراء المُتبادَلَة تدفع الأسعار إلى مستوياتٍ أعلى.
فعندما تبدأ وسائل الإعلام الرئيسية بتغطية أخبار العملات الرقمية على نحوٍ إيجابي، سيؤدي ذلك في الغالب إلى تدفّق موجة من المشاركين الجدُد إلى السوق. فعلى سبيل المثال، خلال السوق الصاعدة في الفترة من 2020 وحتى 2021، ساهمت التغطية الإعلامية الواسعة لارتفاع أسعار البيتكوين والاستثمارات من قِبَل قِطاع المؤسسات في جذب المزيد من مستثمري التجزئة. ولم يقتصر دور هذا الانتشار الإعلامي على الإسهام بزيادة عدد المشاركين في السوق، بل عزّز أيضًا من شرعية العملات الرقمية باعتبارها فئة أصول معترَف بها في نظر شريحة أوسع من الجمهور.
في حين يأتي الدور الأبرز في هذا الصدد لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي ليكون أكثر فاعلية، إذ شكَّلت المنصات من قبيل X (تويتر)، وريديت (Reddit) ويوتيوب (YouTube) محورًا رئيسيًا للنقاشات حول العملات الرقمية، إذ يتمّ تناقل المعلومات لحظيًا في الوقت الفعلي. فضلًا عن دور الأصوات المؤثِّرة التي يُمكن أن تحرّك السوق بتغريدة واحدة، سواء كانوا محللي أسواق أو شخصياتٍ مشهورة مثل إيلون ماسك. فعلى سبيل المثال، أدت تغريدات إيلون ماسك حول عملة دوجكوين (Dogecoin) في عام 2021 إلى ارتفاعاتٍ هائلة في سعرها وزيادة أحجام التداول.
فضلًا عن دور المجتمعات النشطة على المنصات من قبيل r/cryptocurrency في Reddit (هو منتدى "أو ما يُعرف باسم Subreddit" حيث يناقش الأعضاء الأخبار والتحليلات والآراء حول العملات الرقمية) أو قنوات ديسكورد (Discord)، والتي تُساهم في تعزيز حالة الخوف من ضياع الفرص (FOMO) لدى الناس، ممّا يدفع المزيد من الأشخاص إلى الشراء وبالتالي تعزيز الزخم الصعودي للسوق. وبذلك نجد أنّ تأثير الإعلام التقليدي يتضافر مع الإعلام الاجتماعي ليُنشئ بيئة تنتشر فيها حالة الضجة والتفاؤل بسرعة، ممّا يدفع إلى نشوء مرحلة سوق صاعدة مُتكامِلة (تجمع بين ارتفاع الأسعار والحالة المعنوية التفاؤلية).
المخاطر المُحتمَلَة والتقلُّبات خلال مرحلة السوق الصاعدة
على الرغم من أنّ مرحلة السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية تبدو واعدة، ولكن من الضروري إدراك المخاطر المُحتمَلَة والتقلُّبات الحادّة التي قد تصاحبها، إذ يُصبح تحليل السوق أكثر صعوبة خلال فترات الارتفاع السريع في الأسعار. وكما تقول القاعدة: كما من الممكن للأسعار أن ترتفع بسرعة، فإنّها قد تنخفض بنفس السرعة، ممّا يؤدي إلى تقلُّباتٍ مالية كبيرة تعترض المشاركين في السوق.
ومن المخاطر الرئيسية خلال دورات السوق الصاعدة هي حالة المبالغة في توسُّع السوق غير المُستدام، إذ يدخل المزيد من المتداولين إلى السوق مع استمرار ارتفاع الأسعار ودون فهمٍ كامل للمخاطر أحيانًا، وقد يؤدي هذا التدفق الكبير للمشاركين إلى تضخُّم الأسعار نحو مستوياتٍ غير مُستدامة، ممّا يمهد الطريق لنشوء تصحيح حاد بمجرّد تباطؤ الزخم. وفي هذا الصدد، تُظهِر السوابق التاريخية أنّ مثل هذه التصحيحات قد تكون قاسية، فليس بالأمر النادر أن تنخفض قيمة بعض العملات الرقمية الأقل شهرة بنسبة تصل إلى 95% من القمم التاريخية التي وصلت إليها، وهنا تجدر الإشارة لكون حقيقة أنّ هذه العملات أقل شهرة لا يُلغي من أهمية هذا الانخفاض ودلالاته.
كما تُمثِّل التقلباُّت العالية مصدرًا رئيسيًا للقلق، إذ يُعرَف سوق العملات الرقمية بتقلُّباته الشديدة أصلًا، ويمكن أن يتضاعف هذا التقلُّب خلال مراحل الأسواق الصاعدة. فقد تؤدي الأخبار السلبية المفاجئة أو عمليات البيع المُكثَّفة من قِبَل كبار المستثمرين (حيتان السوق) إلى انخفاضٍ مفاجئ في الأسعار، ممّا يُمثّل صدمة للعديد من المتداولين غير المستعدين. كما يمكن أن تؤدي الأخبار التنظيمية غير المتوقّعة إلى إضعاف الحالة المعنوية على نحوٍ ملموس، كما حدث عند قيام هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) برفع دعوى قضائية ضد Ripple Labs، الشركة المطوّرة لعملة XRP.
فضلًا عن دور التداول العاطفي كنتيجة لحالة الخوف من ضياع الفرص (FOMO)، والتي قد تدفع المتداولين إلى اتخاذ قرارات متسرّعة، من قبيل الشراء عند ذروة الأسعار ليجدوا أنفسهم قد تكبَّدوا خسائر فادحة عند التصحيح. كما قد يكون هؤلاء المتداولين المتهورين أكثر ميلًا للبيع بسرعة تحت تأثير الذعر، ممّا يؤدي إلى نشوء حلقة مُفرغة من الآراء السلبية، والتي تدفع الأسعار نحو انخفاضات حادة.
الأفكار الختامية
يُساعد فهم ديناميكيات مرحلة السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية المتداولين على الخوض في السوق بكفاءة أكبر. وفي هذا الصدد، ننصحك بفتح حسابٍ لدى FXOpen، حيث يمكنك التداول في أسواق العملات الرقمية الصاعدة والهابطة مُستخدمًا عقود الفروقات (CFDs)، مع فوارق سعرية تبدأ من 0.0 نقطة وعمولات منخفضة تبدأ من 1.50 دولار لكل لوت.
الأسئلة الشائعة
ما هي مرحلة السوق الصاعدة؟
تُعرَّف مرحلة السوق الصاعدة بأنَّها فترة تشهد فيها الأسواق المالية ارتفاعًا ملحوظًا ومستمرًا في الأسعار على مدى فترة زمنية طويلة نسبيًا، وتتميز هذه المرحلة بحالة عامّة من التفاؤل وزيادة حجم التداول وانتشار اليقين بأنّ الأسعار ستواصل الارتفاع.
إلامَ يشير مصطلح السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية؟
يشير مصطلح مرحلة السوق الصاعدة في عالم العملات الرقمية إلى فترة تشهد فيها أسعار الأصول الرقمية من قبيل البيتكوين أو الإيثريوم زياداتٍ سريعة ومستدامة، إذ يجذب هذا النمو مزيدًا من المتداولين والمستثمرين، ممّا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على نحوٍ أكبر وتعزيز الزخم في السوق.
لكم من الوقت استمرّت آخر سوق صاعدة في عالم العملات الرقمية؟
بدأت آخر مرحلة سوق صاعدة كبرى في عالم العملات الرقمية في أواخر 2020 وبلغت ذروتها في نوفمبر 2021. وخلال هذه الفترة، وصل سعر البيتكوين إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، إذ بلغ قرابة 69,000 دولار، ممّا جعل هذه الدورة من السوق الصاعدة تستمر لمدة تقارب العام.
متى من المتوقَّع حدوث السوق الصاعدة التالية في عالم العملات الرقمية؟
يعتقد الكثيرون أنّ السوق الصاعدة لعام 2024 تُمثّل الدورة الصعودية التالية، مدفوعةً إلى حدٍ كبير بالشرعية المتزايدة التي تحظى بها العملات الرقمية واعتماد المؤسَّسات لها، لاسيما بعد الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة بالبيتكوين (ETFs) وتعافي الاقتصاد العالمي وحدث تنصيف البيتكوين، إلّا أنّ التوقيت الدقيق للسوق الصاعدة التالية غير معروف، في حين تشير الدلالات التاريخية لحدوث الدورات الصعودية في عالم العملات الرقمية كل 3 إلى 4 سنوات.
متى حدثت آخر مرحلة سوق صاعدة في عالم العملات الرقمية؟
شهدت الفترة بين أواخر عام 2020 ونوفمبر 2021 واحدة من أبرز الدورات الصاعدة الحديثة في تاريخ أسواق العملات الرقمية، مدفوعة بظروف مالية ميسرة، واعتماد العملات الرقمية من قِبَل المستثمرين من قِطاع المؤسسات، وازدهار مجال التمويل اللامركزي (DeFi)، والتغطية الإعلامية المكثفة.
* لاحظة مهمة في FXOpen UK المملكة المتحدّة، يُتاح تداول العملات الرقمية عبر عقود الفروقات (CFD) لعملائنا من فئة المحترفين حصرًا، في حين أنّهذه العقود غير مُتاحة للتداول من قِبَل عملاء التجزئة. لمزيدٍ من المعلومات حول كيفية تأثير ذلك على تجربتك، يُرجى التواصل مع فريقنا.