على مدار الأعوام القليلة الماضية، كان أداء الاقتصاد البريطاني شاذًا إلى حد ما. لم تحُد السلطات البريطانية من حريات وسبل عيش السكان بنفس القدر الذي فعلته السلطات في أمريكا الشمالية خلال عامي 2020 و 2021، كما أن ديون بريطانيا الوطنية أقل بكثير من نظيرتها الأمريكية.
يتميز القطاع المصرفي البريطاني أيضًا بسمعة أقل سوءًا فيما يتعلق بالانهيارات واسعة النطاق للمؤسسات العريقة، وعقلية الاستثمار العامة في بريطانيا متحفظة للغاية مقارنة بطبيعة الأسواق الرأسمالية الأمريكية المغامرة المتهورة وثقافة الاستثمار التجاري السائدة في الولايات المتحدة.
تعد الاختلافات بين بعض أكبر أسواق الأسهم في العالم مؤشرات أيضًا على هذا التباين. تُعد بورصة مؤشر ناسداك المتخصص في مجال التكنولوجيا في نيويورك معقلاً للتقلبات، ويضم "العظماء السبع"، وهو لقب يُطلق على أكبر 7 شركات تكنولوجيا في وادي السيليكون، بالإضافة إلى مجموعة من الشركات الناشئة التي اكتسبت قيمًا بمليارات الدولارات فجأة ودخلت إلى ساحة الاكتتاب العام من خلال "شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة" (SPAC) أو ما يُطلق عليها أحيانًا "شركات الشيك على بياض".
على النقيض من ذلك، يمثل مؤشر FTSE 100 البريطاني، الذي يضم أكبر 100 شركة من حيث القيمة الرأسمالية وذات الأسهم المدرجة في بورصة لندن، شركات تقليدية تعمل في قطاعات محافظة مثل النقل والبناء وشركات الطاقة الكبرى وسلاسل البيع بالتجزئة والمستحضرات الصيدلانية.
على الرغم من أن مؤشر FTSE 100 شهد انتعاشًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، ولكن خلال الأسابيع القليلة الماضية، توقف المؤشر دون الوصول إلى مستوى الـ 8000 نقطة الذي كان يطمح إليه الكثيرون، وأخذ أدائه يتراجع تدريجيًا.
في يوم 1 مارس، وصل مؤشر FTSE 100 إلى 7978 نقطة بعد موجة صعود استمرت شهرًا، مما جعل الوصول إلى حاجز 8000 نقطة يبدو أمرًا سهلاً، ولكن منذ بداية الشهر الماضي، واليوم الحالي وهو 8 أبريل 2024، انخفضت قيمة المؤشر لتصل إلى 7925.4 نقطة في تمام الساعة 8:30 صباحًا مع بدء حركة التداول لهذا الأسبوع في لندن.
أسعار تقديرية فقط
يترافق هذا الانخفاض المستقر في قيمة مؤشر FTSE 100 مع تقارير صدرت خلال عطلة نهاية الأسبوع والتي كشفت عن انخفاض أسعار المنازل في المملكة المتحدة بنسبة 1% في مارس مقارنة بشهر فبراير، مما يعطي نظرة عامة غير مشجعة على الاقتصاد البريطاني، الذي يعتبر منظم بشكل معقول ولكنه راكد.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أشار جيريمي هنت، وزير المالية البريطاني، إلى أن التضخم في المملكة المتحدة في أدنى مستوى له منذ عامين، إلا أن الأسعار لا تزال ترتفع، وبينما لم تعُد أزمة غلاء المعيشة تظهر كثيرًا في عناوين وسائل الإعلام الصفراء المثيرة، إلا إنها لا تزال مشكلة قائمة في اقتصاد شهدت فيه متوسطات الدخل نموًا محدودًا منذ ما يقرب من 20 عامًا.
نعم، تعتبر بريطانيا دولة آمنة، وعاصمتها هي عاصمة الأسواق المالية في العالم بأسره، وهي لا تشهد طفرات الصعود والهبوط الحادة جدًا التي تميز المشهد المالي الأمريكي منذ عام 2008، إلا أن أمريكا تعتبر دولة مغامرة وجاذبة للاستثمار، بينما تمثل بريطانيا بيئة محافظة ومتأنية فيما يتعلق بالأسواق المالية والسياسة الاقتصادية العامة.
من ناحية أخرى، قد يكون هذا جيدًا من حيث الاستقرار - وبريطانيا دولة مستقرة للغاية، خاصة داخل لندن، عاصمتها. ومع ذلك، فإن الانخفاضات في أسواق الأسهم والوضع النقدي الراكد هي مؤشرات على مشكلة مختلفة يبدو أنها قائمة منذ فترة طويلة، مقارنة بالأسواق الأمريكية التي يبدو أنها مزدهرة على الرغم من الديون الوطنية الهائلة وتداعيات انهيار مؤسسات ضخمة والسياسات الحكومية المشددة خلال فترات الإغلاق.
يكمن الاختلاف في أن المستثمرين البريطانيين يتحملون مخاطر أقل ولكنهم يحصلون على عوائد أبطأ وأكثر استقرارًا على الأرجح.
تداول عقود فروقات المؤشرات العالمية بدون عمولة وبسبريدات منخفضة. افتح حسابك الخاص على منصة FXOpen الآن أو تعرف على المزيد حول تداول عقود الفروقات على المؤشرات على منصة FXOpen.
هذا المقال يعبر فقط عن رأي الشركات التابعة لمجموعة FXOpen، ولا ينبغي تفسيرها أو تأويلها على أنها عرض أو دعوة أو توصية أو نصيحة مالية فيما يتعلق بمنتجات وخدمات الشركات التابعة لمجموعة FXOpen.