تُعدّ أنماط الشموع اليابانية في المخططات أدواتٍ أساسيَّة للمتداولين، إذ توفّر رؤى تحليلية قيّمة حول الحالة المعنوية في السوق وحركة الأسعار المُحتمَلَة. وهنا تبرز هيكلية كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث (Three Line Strike) كنمطٍ يحظى باهتمام واسع بين المتداولين في أسواق الفوركس والأسهم والسلع والمؤشّرات. وفي هذا الصدد، نستعرض في مقالنا تفاصيل هذا النمط، بما يشمل توضيح كيفية تحديده على المخططات، مع تسليط الضوء على سماته الفريدة، ومناقشة كيفية استخدامه عمليًا في استراتيجيات التداول.
لنبدأ بلمحة عامَّة حول نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث
يُستخدَم نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" في التحليل الفني عمومًا كمؤشِّر لاستمرار الاتجاه السائد، إلّا أنَّه يظهَر أحيانًا قبل انعكاس الاتجاه (وبالتالي لابدّ من استخدامه بالتزامن مع مؤشّرات وأدوات أخرى للتأكيد). ويتكوّن هذا النمط من أربع شموع، ومن الممكن أن يظهر خلال الاتجاهات الصاعدة أو الهابطة.

نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث الهبوطي
يشير نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث الهبوطي" إلى استمرار الاتجاه الهابط، إذ يبدأ بثلاث شمعات هابطة متتالية، حيث تفتح كل شمعة وتغلق عند مستوياتٍ أدنى من الشمعة السابقة لها، لتظهر بعد ذلك شمعة رابعة صاعدة كبيرة، تُفتتح عند مستوى أدنى من الشمعة الهبوطية الثالثة في التتالي السابق، وتغلق أعلى من سعر افتتاح الشمعة الهبوطية الأولى. ويعكس هذا النمط عمومًا قوة الاتجاه الهابط، وهنا تجدر الإشارة لاحتمالية ظهوره أيضًا عند قاع الاتجاه الهابط مُشيرًا إلى انعكاسٍ مُتوقَّع.
نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث الصعودي
يشير نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث الصعودي" إلى إمكانية استمرار الاتجاه الصاعد القوي، إذ يبدأ بثلاث شمعات صاعدة متتالية، حيث تفتح كل شمعة وتغلق عند مستويات أعلى من الشمعة السابقة، ليتبع هذا التتالي شمعة رابعة هابطة كبيرة، تُفتتح عند مستوى أعلى من الشمعة الثالثة في التتالي السابق، وتغلق أدنى من سعر إغلاق الشمعة الصاعدة الأولى. ويُشير هذا النمط إلى احتمالية استمرار الاتجاه الصاعد، لكنه قد يكون أيضًا إشارة إلى انعكاس السوق نحو الهبوط إذا تكوّن عند ذروة الاتجاه الصاعد.
تحليل نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث
نظرًا لأنّ هذا النمط قد يشير إلى انعكاس الاتجاه أو استمراره، فمن الضروري استخدامه بالتكامل مع أدوات تحليلية أخرى، من قبيل مؤشّرات الاتجاه كالمتوسطات المتحركة، والمذبذبات مثل مؤشّر القوة النسبية (RSI). كما يأخذ المتداولون الاتجاه العام للسوق وفق الأطر الزمنية الأعلى في الحسبان، ونُبيّن فيما يلي كيفية تطبيق استراتيجية تداول بناءً على هذا النمط:
● نقطة الدخول: لدخول صفقة تداول اعتمادًا على نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث"، يُحدِّد المتداولون بدايةً الاتجاه العام، فقد ينتظرون إلى حين اكتمال تشكُّل النمط وإغلاق الشمعة التالية له. إذ يفتحونَ عادةً صفقة بيع إذا كانت الشمعة التالية هبوطية، أمّا إذا كانت صعودية، فقد يجدون فيها فرصةً للدخول في صفقة شراء، في حين يميل البعض الآخر لدخول السوق مع إغلاق الشمعة الرابعة من النمط نفسه دون الانتظار لتشكّل الشمعة التالية له.
● مستوى وقف الخسارة: تُعدّ إدارة المخاطر أمرًا بالغ الأهمية، لذا يُحدّد المتداولون عادةً مستويات وقف الخسارة لتكون أعلى/أسفل الشمعة الرابعة من النمط، مع مراعاة مدى قوة الاتجاه السائد. كما يمكنهم تعيين طلب وقف الخسارة ليكون أدنى أو أعلى أقرب نقطة تأرجح أو مستوى دعم/مقاومة، وذلك وفقًا لتقلُّبات السوق ومستوى تحمُّل المخاطر لديهم.
● مستوى جني الأرباح: يسعى المتداولون إلى تأمين أرباحهم المُحتمَلَة عبر تحديد أهداف الربح استنادًا إلى نسبة المخاطرة إلى العائد. وعليه، يتمّ تحديد طلبات جني الأرباح لتكون عند مستوى الدعم أو المقاومة التالي أو بالاعتماد على مؤشّراتِ فنية من قبيل مستويات تصحيح فيبوناتشي.

ولنأخذ المثال التالي، رصدَ أحد المتداولين تشكُّل هيكلية "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث الصعودية" على المخطط "اليومي" لسهم شركة Qualcomm. ولكن في حالة متداولنا، أشار النمط إلى انعكاس الاتجاه (كما هو موضّح في المخطط أعلاه). وعليه، فتحَ صفقة بيع عند مستوى إغلاق الشمعة التي تلت النمط مباشرةً، مع تعيين مستوى وقف الخسارة ليكون أعلى هيكلية النمط، وجني الأرباح عند مستوى الدعم التالي.

وإليك مثال آخر، تشكَّل نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث الهبوطي" على مخطط "الساعة" لخام برنت (Brent)، فقرَّر أحد المتداولين فتح صفقة شراء عند إغلاق الشمعة الرابعة من النمط، كما عيَّن مستوى وقف الخسارة ليكون أدنى هيكلية النمط، ومستوى جني الأرباح عند مستوى المقاومة التالي.
وإذا كنتَ ترغب في استكشاف نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث بدورك، فننصحك بالتوجّه إلى منصة التداول المجانية TickTrader لدى FXOpen والاستفادة من مزاياها.
الجانب النفسي الكامن وراء نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث
تعتمد كفاءة نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" وتحقيق الفائدة المرجوة منه على فهم وإدراك العوامل النفسية الأساسية (الجانب السيكولوجي) التي تؤثّر على المشاركين في السوق، إذ تُمثّل مشاعر الطمع والخوف والأمل والقلق المُحرّك الرئيسي لقرارات الشراء والبيع. وفي هذا الصدد، يجب أخذ العوامل التالية في الحسبان:
● الحالة المعنوية الأوّلية السائدة: تعكس الشموع القليلة الأولى في نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" الحالة المعنوية الأوّلية السائدة في السوق، وتكون السمة العامّة لهذا الشعور عادةً إما الطمع (في الاتجاه الصاعد) أو الخوف (في الاتجاه الهابط)، وذلك بناءً على الاتجاه الذي كان سائدًا قبل ظهور النمط.
● احتمالية الانعكاس: على الرغم من تصنيف هذا النمط ضمن أنماط استمرار الاتجاه، إلّا أنه يُوفِّر إشارة انعكاس في معظم الأحيان. فظهور شمعة رابعة قوية تبتلع الشموع الثلاثة السابقة الأصغر حجمًا يعكس تغيّرًا في الحالة المعنوية للسوق، إذ تُحفّز هذه الإشارة المتداولين بطبيعتها الانعكاسية على إعادة تقييم صفقاتهم واستراتيجياتهم القائمة.
● ردود أفعال المشاركين: قد يشعر المشاركون في السوق ممّن يتداولون وفقًا للاتجاه السائد السابق لتشكُّل النمط بالخوف أو القلق، ممّا يدفعهم إلى إغلاق صفقاتهم تجنُّبًا لتكبُّد خسائر محتملة. وفي المقابل، قد يرى المتداولون ممّن يتبعون استراتيجية التداول بعكس الاتجاه السائد أنّ هذه التغيرات تُقدّم لهم فرصة تداول واعدة، ممّا يدفعهم إلى فتح صفقات جديدة استنادًا إلى قناعتهم بأنّ الحالة المعنوية للسوق قد بدأت تتغيّر.
كيفية تطبيق النمط في استراتيجيات التداول
ينطوي تطبيق نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" في استراتيجيات التداول على جوانب أعمق تتجاوز حدود رصد تشكُّله. لذا سنتعمَّق فيما يلي بدراسة الخطوات الإضافية التي يتبعها المتداولون لتعزيز أدائهم العام في السوق.
● البحث عن تأكيد إضافي: يبحث المتداولون عادةً عن مؤشّرات فنية إضافية لدعم قراراتهم، من قبيل مؤشّر القوة النسبية (RSI) ومؤشّر تباعد وتقارب المتوسطات المُتحرِّكة (الماكد - MACD) ومؤشّر حدود بولنجر (Bollinger Bands)، إذ تُقدّم هذه الأدوات رؤى تحليلية إضافية حول ديناميكيات السوق، ممّا يُساهم في تأكيد الإشارات التي يُقدّمها نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث".
● تعيين الطلبات على نحو استراتيجي مدروس بما يتماشى مع الأُطُر الزمنية: قد يعمد المتداولون إلى دراسة توافق النمط مع مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية على الأطر الزمنية الأعلى للتحقّق من مدى أهميته ومدى إمكانية انعكاس الاتجاه عند هذه المستويات. كما يُساعد التداول القائم على التحليل مُتعدّد الأطر الزمنية (أسلوب تحليل يعتمد على استخدام أطر زمنية مُتعدِّدة لمراقبة حركة السعر واتجاهات السوق، إذ يُحلّل المتداولون إطار زمني أعلى (مثل اليومي أو الأسبوعي) لتحديد الاتجاه العام ومطابقة الأنماط (مثل الدعم والمقاومة أو أنماط الشموع)، ثم ينتقلون إلى إطار زمني أدنى (مثل الساعة أو 15 دقيقة) لتحديد نقاط الدخول والخروج بدقة أكبر) في تقديم فهم أشمل لاتجاهات السوق، مما يُمكّن المتداولين من تحليل تحرُّكات الأسعار المستقبلية على نحوٍ أدق.
● تحديد نقطة الدخول وإدارة المخاطر: يجب على المتداولين تعيين نقاط الدخول والخروج بعناية، فنظرًا لأنَّ هذا النمط قد يُوفّر إشارات استمرار أو انعكاس، يُمثِّل اعتماد تقنيات إدارة المخاطر المنضبطة أداةً مساعدة للمتداولين في حماية رؤوس أموالهم وتقليل الخسائر المُحتَمَلَة إلى الحدّ الأدنى.
عوامل يجب الانتباه إليها بخصوص هذا النمط
ممّا لا شكّ به أنّ نسبة الإشارات الخاطئة والتحركات العشوائية للأسعار تزداد خلال فترات التقلُّبات العالية، ممّا قد يتسبّب في اتخاذ صفقات غير مدروسة. وعلى النقيض، قد تشهد الأسواق خلال فترات التقلُّبات المنخفضة حركة أسعار ضعيفة، ممّا يؤدي إلى تأخُّر تأكيد النمط. لذا، يُوصى بأن يُكيّف المتداولون استراتيجياتهم لتتوافق مع ظروف السوق المختلفة.
كما يجب أخذ احتمالية حدوث الاختراقات الوهمية في الحسبان، فحتى مع تكوّن نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" ظاهريًا، تبقى احتمالات كسر السعر لحدود النمط مؤقتًا قبل أن يعود إلى اتجاهه الأصلي قائمة (فمثلًا في النمط الصعودي وبعد الشمعة الرابعة، قد يكسر السعر مستوى قاعها هبوطًا، ممّا يوحي بأنّ الاتجاه قد انعكس وسيستمر في الهبوط، ليرتد السعر بسرعة ويعود إلى الاتجاه الصاعد). وقد تؤدي هذه الاختراقات الوهمية إلى خداع المتداولين ودفعهم إلى فتح صفقات قبل الأوان، مما يتسبب في خسائر من الممكن تجنُّبها. وللحدّ من هذا الخطر، يُنصح المتداولون بالتحلّي بالصبر واليقظة، والانتظار إلى حين حصولهم على إشارات تأكيد قوية قبل الدخول في الصفقة.
الاختلافات الأساسية بين نمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث ونمطي الغربان الثلاثة السود (Three Black Crows)/والجنود الثلاثة البيض (Three White Soldiers)
تكمن الفروقات الأساسية بين نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" ونمطيّ الغربان الثلاثة السود/الجنود الثلاثة البيض في كيفية تشكُّلها ودلالاتها في التداول، كما هو موضّح في الجدول التالي:
نمط كسر تتالينمط كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث |
وجه المقارنة |
|
يتكوَّن من ثلاث شموع متتالية،
حيث تغلق كل شمعة على مستوى أدنى (في الغربان السوداء) أو أعلى (في الجنود
البيض) من سابقتها. |
يتكوَّن من أربع شموع متتالية،
حيث تقوم الشمعة الرابعة باحتواء الشموع الثلاث السابقة بالكامل. |
التشكُّل |
يُشير إلى زخم قوي في الاتجاه
السائد، ممّا يعزّز احتمالية استمراره بدلًا من انعكاسه. |
يُشير إلى احتمال استمرار
الاتجاه السائد أو انعكاسه، سواءً من صعودي إلى هبوطي أو العكس. |
الدلالة |
الأفكار الختامية
يُعدّ نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث" أحد الأنماط المعقَّدة، إذ يمكن أن يُشير إلى استمرار الاتجاه السائد أو انعكاسه. وعلى الرغم من تعقيده، إلّا أنّه يظهر على نحوٍ متكرر في مخططات الأسعار، ممّا يجعله أداةً قيّمة للمتداولين. وفي هذا الصدد، يُعدّ إتقان تحليل حركة السعر على المخططات مهارةً تُكتسب تدريجيًا وتتطلّب تدريبًا مستمرًا. ومع مرور الوقت، يمكن للمتداولين صقل مهاراتهم وتحسين كفاءتهم في التداول. فإذا كنت مستعدًا لاستخدام هذا النمط كأداة في استراتيجيتك، ننصحك بفتح حساب لدى FXOpen لتطبيق مهاراتك التحليلية وصقلها عبر مئات الأسواق المُتاحة.
الأسئلة الشائعة
ما هي قاعدة الكسر الثلاثيّ (3 Strike) في عالم التداول؟
تُشير قاعدة الكسر الثلاثيّ في عالم التداول إلى استخدام نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث (Three Line Strike)"، إذ يتكوّن هذا النمط من ثلاث شموع صاعدة أو هابطة متتالية، تليها شمعة رابعة طويلة تكون معاكسة لها، والتي تبدأ فوق/تحت إغلاق الشمعة السابقة (الأخيرة من الشموع الثلاث المتتالية) ولكن تُغلق تحت/فوق افتتاح الشمعة الأولى. يُعتقَد أنّ هذا النمط يوفّر إشارات تُفيد باستمرار الاتجاه السائد، لكنه غالبًا ما يظهر قبل انعكاس الاتجاه.
ما هي استراتيجية الكسر الثلاثيّ (Three Strike)؟
تشير استراتيجية الكسر الثلاثيّ إلى الاعتماد على نمط "كسر تتالي واحتواء الشموع الثلاث (3 Line Strike)" في التداول، إذ تعتمد الاستراتيجية على فرضية أنّ هذا النمط قد يتبعه انعكاس أو استمرار للاتجاه السائد. وعادةً ما ينتظر المتداولون إلى حين إغلاق الشمعة التالية فوق/تحت النمط لاتخاذها كنقطة دخول، ثم يحدّدون مستوى جني الأرباح بناءً على أقرب مستوى مقاومة أو دعم، مع تعيين طلبات وقف الخسارة للحدّ من المخاطر لتكون أسفل/أعلى النمط وفقًا لاتجاهه.
هذا المقال يعبر فقط عن رأي الشركات التابعة لمجموعة FXOpen، ولا ينبغي تفسيرها أو تأويلها على أنها عرض أو دعوة أو توصية أو نصيحة مالية فيما يتعلق بمنتجات وخدمات الشركات التابعة لمجموعة FXOpen.